الضمير في يبعثون عائد على ما دلّ عليه المعنى إذ ليس في اللفظ ما يعود عليه وحكمة استنظاره وإن كان ذلك سبب للغواية والفتنة إنّ في ذلك ابتلاء تالعباد بمخالفته وطواعيته وما يترتب على ذلك من إعظام الثّواب بالمخالفة وإدامة العقاب بالطواعيّة وأجابه تعالى بأنه من المنظرين أي من المؤخرين ولم يأتِ هنا بغاية للانتظار وجاء مغياً في الحجر وفي ص بقوله {إلى يوم الوقت المعلوم} ويأتي تفسيره في الحجر إن شاء الله، ومعنى من المنظرين من الطائفة التي تأخّرت أعمارها كثيراً حتى جاءت آجالها على اختلاف أوقاتها فقد شمل تلك الطائفة انظار وإن لم يكونوا أحياء مدة الدهر، وقيل من المنظرين جمع كثير مثل قوم يونس.

{قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِى لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}

الظاهر أن الباء للقسم وما مصدرية ولذلك تلقيت الالية بقوله: لأقعدن، قال الزمخشري وإنما أقسم بالإغواء لأنّه كان تكليفاً من أحسن أفعال الله لكونه تعريضاً لسعادة الأبد، فكان جديراً أن يقسم به انتهى، وقيل: الباء للسبب أي بسبب إغوائك إياي وعبر ابن عطية عنها بأن يراد بها معنى المجازاة قال: كما تقول فبإكرامك لي يا زيد لأكرمنك قال وهذا أليق بالقصة، قال الزمخشري، (فإن قلت) : بم تعلقت الباء فإن تعليقها بلأقعدن تصد عنه لام القسم لا تقول والله بزيد لأمرن (قلتلله تعلقت بفعل القسم المحذوف تقديره {فبما أغويتني} أقسم بالله {لأقعدن} أي بسبب إغوائك أقسم انتهى، وما ذكره من أن اللام تصدّ عن تعلّق الباء بلأقعدن ليس حكماً مجمعاً عليه بل في ذلك خلاف، وقيل: ما استفهامية كأنه استفهم عن السبب الذي أغواه وقال بأي شيء أغويتني ثم ابتدأه مقسماً فقال: لأقعدنّ لهم وضعف بإثبات الألف في ما الاستفهامية، وذلك شاذّ أو ضرورة نحو قولهم عما تسأل فهذا شاذّ والضرورة كقوله:

على ما قام يشتني لئيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015