{ثُمَّ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ تَمَامًا عَلَى الَّذِى أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَىْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} {ثم} تقتضي المهلة في الزمان هذا أصل وضعها ثم تأتي للمهلة في الإخبار. فقال الزجاج: هو معطوف على أتل تقديره أتل ما حرم ثم أتل {آتينا} . وقيل: معطوف على {قل} على إضمار قل أي ثم قال {آتينا} . وقيل: التقدير ثم إني أخبركم إنا آتينا.
و {الكتاب} هنا التوراة بلا خلاف وانتصب تماماً على المفعول له أو على لمصدر أتممناه {تماماً} مصدر على حذف الزوائد أو على الحال إما من الفاعل والمفعول وكل قد قيل.
وقال بعض نحاة الكوفة: يصح أن يكون {أحسن} اسماً وهو أفعل التفضيل وهو مجرور صفة للذي وإن كان نكرة من حيث قارب المعرفة إذ لا يدخله أل كما تقول العرب: مررت بالذي خير منك، ولا يجوز مررت بالذي عالم؛ انتهى. وهذا سائغ على مذهب الكوفيين في الكلام وهو خطأ عند البصريين. وقرأ يحيى بن معمر وابن أبي إسحاق {أحسن} برفع النون وخرج على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو أحسن و {أحسن} خبر صلة كقراءة من قرأ {مثلا ما بعوضة} أي تماماً على الذي هو أحسن دين وأرضاه أو تامّاً كاملاً على أحسن ما تكون عليه الكتب، أي على الوجه والطريق الذي هو أحسن وهو معنى قول الكلبي: أتم له الكتاب على أحسنه. وقال التبريزي: {الذي} هنا بمعنى الجمع وأحسن صلة فعل ماض حذف منه الضمير وهو الواو فبقي أحسن أي على الذين أحسنوا، وحذف هذا الضمير والاجتزاء بالضمة تفعله العرب. قال الشاعر:
فلو أن الأطباء كان حولي
وقال آخر:
إذا شاؤوا أضروا من أرادوا
ولا يألوهم أحد ضرارا وقال آخر:
شبوا على المجد شابوا واكتهل
يريد واكتهلوا فحذف الواو ثم حذف الضمير للوقف؛ انتهى. وهذا خصه أصحابنا بالضرورة فلا يحمل كتاب الله عليه.
وانتصب تفصيلاً على المفعول له.