{وَكَذلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَبِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا} قيل: هو معطوف على {كذلك زين} فتكون الإشارة فيه إلى ما أشير إليه بقوله: {كذلك زين} و {جعلنا} بمعنى صيرنا ومفعولها الأول {أكابر مجرميها} وفي كل قرية المفعول الثاني و {أكابر} على هذا مضاف إلى {مجرميها} ، وأجاز أبو البقاء أن يكون {مجرميها} بدلاً من {أكابر} وأجاز ابن عطية أن يكون {مجرميها} المفعول الأول و {أكابر} المفعول الثاني والتقدير مجرميها أكابر، وما أجازاه خطأ وذهول عن قاعدة نحوية وهو أن أفعل التفضيل الثاني والتقدير مجرميها أكابر، وما أجازاه خطأ وذهول عن قاعدة نحوية وهو أن أفعل التفضيل إذا كان بمن ملفوظاً بها أو مقدرة أو مضافة إلى نكرة كان مفرداً مذكراً دائماً سواء كان لمذكر أو مؤنث أو مجموع، فإذا أنث أو ثنى أو جمع طابق ما هو له في ذلك ولزمه أحد أمرين: إما الألف واللام أو الإضافة إلى معرفة، وإذا تقرر هذا فالقول بأن {مجرميها} بدل من {أكابر} أو أن {مجرميها} مفعول أول خطأ لالتزامه أن يبقى {أكابر} مجموعاً وليس فيه ألف ولام ولا هو مضاف إلى معرفة وذلك لا يجوز، وقد تنبه الكرماني لهذه القاعدة فقال: أضاف الأكابر إلى مجرميها لأن أفعل لا يجمع إلا مع الألف واللام أو مع الإضافة؛ انتهى. وكان ينبغي أن يقيد فيقول: أو مع الإضافة إلى معرفة وقدر بعضهم المفعول الثاني محذوفاً أي فساقاً {ليمكروا فيها} وهو ضعيف جداً لا يجوز أن يحمل القرآن عليه، وقال ابن عطية: ويقال أكابرة كما قالوا أحمر وأحامرة ومنه قول الشاعر:
إن الأحامرة الثلاثة أهلكت
مالي وكنت بهنّ قدماً مولعا