{ولم يلبسوا} يحتمل أن يكون معطوفاً على الصلة ويحتمل أن يكون حالاً دخلت واو الحال على الجملة المنفية بلم كقوله تعالى: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} وما ذهب إليه ابن عصفور من أن وقوع الجملة المنفية بلم قليل جداً وابن خروف من وجوب الواو فيها وإن كان فيها ضمير يعود على ذي الحال خطأ بل ذلك قليل وبغير الواو كثير على ذلك لسان العرب، وكلام الله، وقرأ عكرمة: {ولم يلبسوا} بضم الياء ويجوز في {الذين} أن يكون خبر مبتدأ محذوف وأن يكون خبره المبتدأ والخبر الذي هو {أولئك لهم الأمر} وأبعد من جعل لهم الأمن خبر الذين وجعلأولئك فاصلة وهو النحاس والحوفي.
{وَتِلْكَ حُجَّتُنَآءَاتَيْنَهَآ إِبْرَهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} الإشارة بتلك إلى ما وقع به الاحتجاج من قوله {فلما جن عليه الليل} إلى قوله {وهم مهتدون} وهذا الظاهر، وأضافها إليه تعالى على سبيل التشريف وكان المضاف إليه بنون العظمة لإيتاء المتكلم و {آتيناها} أي أحضرناها بباله وخلقناها في نفسه إذ هي من الحجج العقلية، أو {آتيناها} بوحي منا ولقناه إياها وإن أعربت وتلك مبتدأ وحجتنا بدلاً {وآتيناها} حال العامل فيها اسم الإشارة لأن الحجة ليست مصدراً وإنما هو الكلام المؤلف للاستدلال على الشيء ولو جعلناه مصدراً مجازاً لم يجز ذلك أيضاً لأنه لا يفصل بالخبر ولا بمثل هذه الحال بين المصدر ومطلوبه، وأجاز الحوفي أن يكون {آتيناها} في موضع النعت لحجتنا والنية فيها الانفصال والتقدير: وتلك حجة لنا آتيناها انتهى، وهذا بعيد جداً. وقال الحوفي: وهاء مفعول أول وإبراهيم مفعول ثان وهذا قد قدمنا أنه مذهب السهيلي، وأما مذهب الجمهور فالهاء مفعول ثان وابراهيم مفعول أول.
ويجوز أن يكون في موضع الحال وحذف مضاف أي {آتيناها إبراهيم} مستعلية على حجج قومه قاهرة لها.