وهذا الاستثناء جار مجرى التوكيد لأن قوله: ولا حبة {ولا رطب ولا يابس} معطوف على قوله {من ورقة} والاستثناء الأول منسحب عليها كما تقول: ما جاءني من رجل إلا أكرمته ولا امرأة، فالمعنى إلا أكرمتها ولكنه لما طال الكلام أعيد الاستثناء على سبيل التوكيد وحسنه كونه فاصلة رأس آية. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وابن السميقع {ولا رطب ولا يابس} بالرفع فيهما والأولى أن يكونا معطوفين على موضع {من ورقة} ويحتمل الرفع على الابتداء وخبره {إلا في كتاب مبين} .

{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} وظاهر {ويرسل} أن يكون معطوفاً على {وهو القاهر} عطف جملة فعلية على جملة اسمية وهي من آثار الهر. وجوز أبو البقاء أن تكون معطوفة على قوله: {يتوفاكم} وما بعده من الأفعال وأن يكون معطوفاً على {القاهر} التقدير وهو الذي يقهر ويرسل، وأن يكون حالاً على إضمار مبتدإ أي وهو يرسل وذو الحال إما الضمير في {القاهر} وإما الضمير في الظرف وهذا أضعف هذه الأعاريب، {وعليكم} ظاهره أنه متعلق بيرسل كقوله: {يرسل عليكما شواظ} ولفظة على مشعرة بالعلو والاستعلاء لتمكنهم منا جعلوا كان ذلك علينا ويحتمل أن يكون متعلقاً بحفظة أي ويرسل حفظة عليكم أي يحفظون عليكم أعمالكم، كما قال: وإن عليكم لحافظين كما تقول: حفظت عليك ما تعمل. وجوّزوا أن يكون حالاً لأنه لو يتأخر لكان صفة أي حفظه كائنة عليكم.

{ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَهُمُ الْحَقِّ} وقرأ الحسن والأعمش {لحق} بالنصب والظاهر أنه صفة قطعت فانتصبت على المدح وجوز نصبه على المصدر تقديره الرد الحق.

{تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} انتصباً على الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015