{أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} قرأ عاصم وابن عامر أنه بفتح الهمزتين فالأولى بدل من الرحمة والثانية خبر مبتدأ محذوف تقديره فأمره أنه أي أن الله غفور رحيم له، ووهم النحاس فزعم أن قوله {فإنه} عطف على أنه وتكرير لها لطول الكلام وهذا كما ذكرناه وهم، لأن {من} مبتدأ سواء كان موصولاً أو شرطاً فإن كان موصولاً بقي بلا خبر وإن كان شرطاً بقي بلا جواب. وقيل: إنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره عليه أنه من عمل. وقيل: فإنه بدل من أنه وليس بشيء لدخول الفاء فيه ولخلو {من} من خبر أو جواب. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والإخوان بكسر الهمزة فيهما الأولى على جهة التفسير للرحمة والثانية في موضع الخبر أو الجواب.
{وبجهالة} في محل نصب على الحال.
ولو ذهب ذاهب إلى أن الرحمة مفعول من أجله وإن أنه في موضع نصب لكتب أي لأجل رحمته إياكم لم يبعد ولكن الظاهر أن الرحمة مفعول {كتب} .
{وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} واستبان يكون لازماً ومتعدّياً وتميم وأهل نجد يذكرون السبيل وأهل الحجاز يؤنثونها.
وقرأ العربيان وابن كثير وحفص {ولتستبين} بالتاء سبيل بالرفع. وقرأ الأخوان وأبو بكر وليستبين بالياء سبيل بالرفع فاستبان هنا لازمة أي ولتظهر سبيل المحرمين. وقرأ نافع {ولتستبين} بتاء الخطاب {سبيل} بالنصب فاستبان هنا متعدية.
{يقضى بالحق} وضمن بعضهم يقضي معنى ينفذ فعداه إلى مفعول به. وقيل: يقضي بمعنى يصنع أي كل ما يصنعه فهو حق قال الهذلي:
وعليهما مسدودتان قضاهما
داود أو صنع السوابغ تبع
أي صنعهما وقيل حذف الباء والأصل بالحق، ويؤيده قراءة عبد الله وأبي وابن وثاب والنخعي وطلحة والأعمش يقضي بالحق بياء الجر وسقطت الباء خطأ لسقوطها لفظاً لالتقاء الساكنين.
{وَهُوَ خَيْرُ الْفَصِلِينَ} قيل خير أفعل تفضيل وقيل ليس كذلك.