{مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَىْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَىْءٍ} {ومن} في {من حسابهم} وفي {من حسابك} مبعضة في موضع نصب على الحال في {من حسابهم} وذو الحال هو من شيء لأنه لو تأخر من حسابهم لكان في موضع النعت لشيء فلما تقدّم انتصب على الحال و {عليك} في موضع الخبر لما إن كانت حجازية، وأجزنا توسط خبرها إذا كانت ظرفاً أو مجروراً وفي موضع خبر المبتدإ إن لم نجز ذلك أو اعتقدنا أن ما تميمية وأما في {من حسابك} فقيل: هو في موضع نصب على الحال ويضعف ذلك بأن الحال إذا كان العامل فيها معنى الفعل لم يجز تقديمها عليه خصوصاً إذا تقدمت على العامل وعلى ذي الحال. وقيل: يجوز أن يكون الخبر {من حسابك} و {عليهم. صفة لشيء تقدّمت عليه فانتصب على الحال وهذا ضعيف، لأن عليهم هو محطّ الفائدة فترجح أن يكون هو الخبر ويكون من حسابك} على هذا تنبيهاً لا حالاً ولا خبراً.
{فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّلِمِينَ} الظاهر أن قوله: {فتطردهم} جواب لقوله {ما عليك من حسابهم من شيء} يكون النصب هنا على أحد معنى النصب في قولك: ما تأتينا فتحدّثنا لأن أحد معنى هذا ما تأتينا محدثاً إنما تأتي ولا تحدث، وهذا المعنى لا يصح في الآية والمعنى الثاني ما تأتينا فكيف تحدثنا؟ أي لا يقع هذا فكيف يقع هذا وهذا المعنى هو الذي يصح في الآية أن لا يكون حسابهم عليك فيكون وقع الطرد، وأطلقوا جواب أن يكون {فتطردهم} جواباً للنفي ولم يبينوا كيفية وقوعه جواباً والظاهر في قوله: {فتكون من الظالمين} أن يكون معطوفاً على {فتطردهم} والمعنى الإخبار بانتفاء حسابهم وانتفاء الطرد والظلم المتسبب عن الطرد، وجوّزوا أن يكون {فتكون} جواباً للنهي في قوله: {ولا تطرد} كقوله: {لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب} وتكون الجملتان وجواب الأولى اعتراضاً بين النهي وجوابه.