{أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ} {ساء} هنا تحتمل وجوهاً ثلاثة. أحدها: أن تكون المتعدية المتصرفة ووزنها فعل بفتح العين والمعنى ألا ساءهم ما يزرون، وتحتمل {ما} على هذا الوجه أن تكون موصولة بمعنى الذي، فتكون فاعلة ويحتمل أن تكون {ما} مصدرية فينسبك منها ما بعدها مصدر هو الفاعل أي ألا ساءهم وزرهم. والوجه الثاني: أنها حوّلت إلى فعل بضم العين وأشربت معنى التعجب والمعنى ألا ما أسوأ الذي يزرونه أو ما أسوأ وزرهم على الاحتمالين في ما. والثالث: أنها أيضاً حوّلت إلى فعل بضم العين، وأريد بها المبالغة في الذمّ فتكون مساوية لبئس في المعنى والأحكام، ويكون إطلاق الذي سبق في {ما} في قوله: {بئسما اشتروا به أنفسهم} جارياً فيها هنا، والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله أن الذي قبله لا يشترط فيه ما يشترط في فاعل بئس من الأحكام ولا هو جملة منعقدة من مبتدإ وخبر، إنما هو منعقد من فعل وفاعل والفرق بين هذين الوجهين والأوّل أن في الأول الفعل متعد وفي هذين قاصر، وإن الكلام فيه خبر وهو في هذين إنشاء وجعل الزمخشري من باب فقط فقال: ساء ما يزرون بئس شيئاً يزرون وزرهم كقوله: {ساء مثلاً القوم} ، وذكر ابن عطية هذا الوجه احتمالاً أخيراً وبدأ بأن {ساء} متعدية و {ما} فاعل كما تقول ساء في هذا الأمر وإن الكلام خبر مجرد. قال كقول الشاعر:
رضيت خطة خسف غير طائلة
فساء هذا رضا يا قيس عيلانا
ولا يتعين ما قال في البيت من أن الكلام فيه خبر مجرد؛ بل يحتمل قوله: فساء هذا رضا الأوجه الثلاثة.