{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَءِيلَ وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ} تقدم تفسير مثل هذا في البقرة. وقال الزمخشري هنا: (فإن قلت) : أين جواب الشرط؟ فإن قوله فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون ناب عن الجواب، لأن الرسول الواحد لا يكون فريقين، ولأنه لا يحسن أن تقول: إن أكرمت أخي أخاك أكرمت. (قلت) : هو محذوف يدل عليه قوله: فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون، كأنه قيل: كلما جاءهم رسول منهم ناصبوه. وقوله: فريقاً كذبوا، جواب مستأنف لسؤال قاتل: كيف فعلوا برسلهم؟ انتهى قوله: فإن قلت: أين جواب الشرط؟ سمي قوله كلما جاءهم رسول شرطاً وليس بشرط، بل كل منصوب على الظرف لإضافتها إلى المصدر المنسبك من ما المصدرية الظرفية، والعال فيها هو ما يأتي بعدما المذكورة، وصلتها من الفعل كقوله: {كلما انضجت جلودهم بدلناهم} كلما {ألقوا فيها} وأجمعت العرب على أنه لا يجزم بكلما، وعلى تسليم تسميته شرطاً فذكر أن قوله: فريقاً كذبوا ينبو عن الجواب لوجهين: أحدهما: قوله: لأن الرسول الواحد لا يكون فريقين، وليس كما ذكر، لأن الرسول في هذا التركيب لا يراد به الواحد، بل المراد به الجنس. وأي نجم طلع، وإذا كان المراد به الجنس انقسم إلى الفريقين: فريق كذب، وفريق قتل. والوجه الثاني قوله: ولأنه لا يحسن أن تقول إن أكرمت أخي أخاك أكرمت، يعني أنه لا يجوز تقديم منصوب فعل للجواب عليه. وليس كما ذكر، بل مذهب البصريين والكسائي إن ذاك جائز حسن، ولم يمنعه إلا الفراء وحده، وهذا كله على تقدير تسليم إن كلما شرط، وإلا فلا يلزم أن يعتذر بهذا، بل يجوز تقديم منصوب الفعل العامل في كلما عليه. فتقول في كلما جئتني أخاك أكرمت، وعموم نصوص النحويين على ذلك، لأنهم حين حصر، وأما يجب تقديم المفعول به على العامل وما يجب تأخيره عنه قالوا: وما سوى ذلك يجوز فيه