الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الأٌّيَتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} .
{بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ} قال الحوفي: هي جملة من مبتدأ وخبر في موضع النعت لأولياء، والظاهر أنها جملة مستأنفة لا موضع لها من الإعراب.
{فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَرِعُونَ فِيهِمْ} وقرأ ابراهيم بن وثاب: فيرى بالياء من تحت، والفاعل ضمير يعود على الله، أو الرأي. قال ابن عطية: ويحتمل أن يكون الذين فاعل ترى، والمعنى: أن يسارعوا، فحذفت أن إيجازاً انتهى. وهذا ضعيف لأنّ حذف إنْ من نحو هذا لا ينقاس. وقرأ قتادة والأعمش: يسرعون بغير ألف من أسرع، وفترى أن كانت من رؤية العين كان يسارعون حالاً، أو من رؤية القلب ففي موضع المفعول الثاني.
{فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَآ أَسَرُّواْ فِى أَنفُسِهِمْ نَدِمِينَ} وذكرنا أن أصبح تأتي بمعنى صار من غير اعتبار كينونة في الصباح، واتفق الحوفي وأبو البقاء على أن قوله: فيصبحوا معطوف على قوله: {أَن يَأْتِىَ} وهو الظاهر، ومجور ذلك هو الفاء، لأن فيها معنى التسبب، فصار نظير الذي يطير فيغضب زيد الذباب، فلو كان العطف بغير الفاء لم يصح، لأنه كان يكون معطوفاً على أن يأتي خبر لعسى، وهو خبر عن الله تعالى، والمعطوف على الخبر خبر، فيلزم أن يكون فيه رابط إن كان مما يحتاج إلى الرابط، ولا رابط هنا، فلا يجوز العطف. لكنّ الفاء انفردت من بين سائر حروف العطف بتسويغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمن جملتين من صلة كما مثله، أو صفة نحو مررت برجل يبكي فيضحك عمرو، أو خبر نحو زيد يقوم فيقعد بشر. وجوز أن لا يكون معطوفاً على أن يأتي، ولكنه منصوب بإضمار أن بعد الفاء في جواب التمني، إذ عسى تمنّ وترج في حق البشر، وهذا فيه نظر.