وقرأ العربيان وابن كثير: بنصب والعين، والأنف، والأذن، والسن، ورفع والجروح. وروي ذلك عن: نافع. ووجه أبو علي: رفع والجروح على الوجوه الثلاثة التي ذكرها في رفع والعين وما بعدها. وروي أنس أن النبي صلى الله عليه وسلّمقرأ أنّ النفس بتخفيف أن، ورفع العين وما بعدها فيحتمل أن وجهين: أحدهما: أن تكون مصدرية مخففة من أنّ، واسمها ضمير الشأن وهو محذوف، والجملة في موضع رفع خبر أنّ فمعناها معنى المشدّدة العاملة في كونها مصدرية. والوجه الثاني: أن تكون أن تفسيرية التقدير أي: النفس بالنفس، لأن كتبنا جملة في معنى القول. وقرأ أبيّ بنصب النفس، والأربعة بعدها. وقرأ: وأنْ الجروح قصاص بزيادة أن الخفيفة، ورفع الجروح. ويتعين في هذه القراءة أن تكون المخفة من الثقيلة، ولا يجوز أن تكون التفسيرية من حيث العطف، لأن كتبنا تكون عاملة من حيث المشدّدة غير عاملة من حيث التفسيرية، فلا يجوز لأن العطف يقتضي التشريك، فإذا لم يكن عمل فلا تشريك.
{وَقَفَّيْنَا عَلَى ءاثَرِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} وعلى آثارهم، متعلق بقفينا، وبعيسى متعلق به أيضاً. وهذا على سبيل التضمين أي: ثم جئنا على آثارهم بعيسى ابن مريم قافياً لهم، وليس التضعيف في قفينا للتعدية، إذ لو كان للتعدية ما جاء مع الباء المعدية، ولا تعدى بعلى. وذلك أن قفا يتعدى لواحد قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وتقول: قفا فلان الأثر إذا اتبعه، فلو كان التضعيف للتعدي لتعدى إلى اثنين منصوبين، وكان يكون التركيب: ثم قفينا على آثارهم عيسى ابن مريم، وكان يكون عيسى هو المفعول الأول، وآثارهم المفعول الثاني، لكنه ضمن معنى جاء وعدى بالياء، وتعدى إلى آثارهم بعلى. وقال الزمخشري: قفيته مثل عقبته إذا اتبعته، ثم يقال: قفيته بفلان وعقبته به، فتعديه إلى الثاني بزيادة الباء.