وأخيرًا: ما ثمرة دراسة إعجاز القرآن؟
نبدأ بالسؤال الأول وهو: ماذا نعني بإعجاز القرآن؟
الإجابة عن هذا السؤال تتطلب منا توضيح المقصود بكلٍّ من الإعجاز والقرآن:
فالإعجاز في اللغة: من العجز وعدم القدرة والاستطاعة، فنقول: عجز فلان عن فعل كذا؛ أي عن القيام به، والقدرة على إنفاذه وفعله، ويقال: أعجزني فلان: إذا عجزت طلبه وإدراكه؛ ومن ثم سُميت آيات الرسل معجزات؛ لظهور عجز المرسَل إليهم عن معارضتها بأمثالها.
المعجزة في اصطلاح العلماء: أمرٌ خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة.
والقرآن: مصدر قرأ على وزن فُعلان بالضم، كالغفران والشكران، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (القيامة: 18). ثم صار لفظ القرآن علما شخصيّا على الكتاب المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو الأغلب في استخدامه في كتاب الله، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء: 9).
وروعي في تسميته كونه مقروءًا أي متلوًّا بالألسن، وحده العلماء بأنه كلام الله تعالى المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- المتعبد بتلاوته؛ كلام الله تعالى يُخرج كلام البشر وكلام غيرهم من المخلوقات، فهو كلام الله -عز وجل- والمنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- يُخرج سائر الكتب التي أنزلت على الرسل من قبله كالتوراة والإنجيل وصحف إبراهيم والزبور على داود -عليه السلام- والمتعبد بتلاوته: يُخرج ما لا يتعبد بتلاوته مما هو مقدس ومما هو له قدسيته عند المسلمين؛ كأحاديث النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- والأحاديث القدسية