وثالث هذه الأشياء التي ينبهون عليها أن الزيادة تكون إمًا آخرًا، وإما حشوًا فلا تقع في بداية الكلام، فلذلك تجد كثيرًا من النحويين يعترضون على زيادة لا في مثل قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (القيامة: 1)، في بداية الكلام. ولكي يتبين لنا كلامهم عن الزيادة نعرض كلامهم حول الحروف الزائدة، وهذه المسألة التي كثر الكلام حولها في باب الزيادة، أما زيادة الفعل فهي محصورة على أفعال معينة مثال كان، والآيات التي يحتملها زيادة كان في القرآن جميعها جاءت على سبيل الاحتمال، وليس على القول القاطع. كما قالوا مثلًا في قوله تعالى: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} (مريم: 29)، فقالوا: إن كان زائدة، وإن {صَبِيًّا} تعرب حالًا؛ لأن لا فائدة في وصف أنه كان في المهد، ليس هناك معجزة في شأن عيسى -عليه السلام، فكل من في المهد صبي فهم يتعجبون من كلامه حالة كونه صبيًا ليس لأنه كان في المهد صبيًا.
وهذا فهم أيضًا يعترض عليه أصلًا في هذا التقدير إلا أن كثيرا من النحاة ذكروا زيادة كان في هذا الموضع، ومواضع أخرى كثيرة في القرآن جاءت على الاحتمال بأنها زائدة وعلى الاحتمال بأنها أصلية في الكلام، وهذا كلام يتعلق بالنحو وبتفاصيل المسائل فيه. القضية التي تشغلنا هي حروف الزيادة، ابتداء الزيادة إما أن تكون لتأكيد النفي كالباء في خبر ليس وما أو لتأكيد الإيجاب كاللام الداخلة على المبتدأ، يعني هم يوضحون ابتداء أن الكلام في الزيادة لغرض التأكيد سواء كان تأكيد إيجاب أو تأكيد نفي، وحروف الزيادة المستعملة بكثرة عندهم سبعة التي نصوا كثيرًا على زيادتها: إن، وأن، ولا، وما، ومن، والباء واللام، هذه الحروف استخدمت كثيرًا في الزيادة، وبعضهم زائد أم، وبعضهم زاد الكاف، وبعضهم ذهب إلى زيادة إلى في بعض المواضع.