الآية وجدت لفظة "أنْ" الواردة بعد لَمّا وقبل الفعل دالة على معنى، وإذا كانت دالة على معنى، فكيف يسوغ أن يقال: إنها زائدة؟! فإن قيل: إنها إذا كانت دالة على معنى، فيجوز أن تكون دالة على غير ما أشرت أنت إليه قلت في الجواب: إذا ثبت أنها دالة على معنى، فالذي أشرت إليه معنى مناسب واقع في موقعه، وإذا كان مناسبا واقعا في موقعه، فقد حصل المراد منه، ودل الدليل حينئذٍ أنها ليست بزائدة. الوجه الآخر: أن هذه اللفظة لو كانت زائدة لكان ذلك قدحًا في كلام الله تعالى، وذاك أنه يكون قد نطق بزيادة في كلامه لا حاجة إليها، والمعنى يتم بدونها، وحينئذٍ لا يكون كلامه معجزًا إذ من شرط الإعجاز عدم التطويل الذي لا حاجه إليه، وإن التطويل عيب في الكلام، فكيف يكون ما هو عيب في الكلام من باب الإعجاز هذا محال". ويختتم بقوله: "وهذه دقائق ورموز لا تؤخذ من النحاة؛ لأنها ليست من شأنهم".
واضح من كلام ابن الأثير أن به خلطا، وأن به تجاوزا في فهم المسألة من ناحية، وفي التعبير عنها من ناحية أخرى، كما ذكرنا لم يقل النحاة قط: إن الزيادة لا تؤثر في المعنى، وإنما مصطلحهم يدور دائمًا حول اللفظ والقضية الإعرابية الصناعية، وتوجيه الإعراب، وقضية العامل والمعمول، والنحاة أنفسهم لم يتعرضوا لمسألة أن الكلام على السواء، وأن المعنى سيان بوجود الحرف وعدم وجوده لم يرد ذلك عنهم أو عن الثقات منهم، وإن قاله بعض الضعفة من النحاة أو بعض ما لا يعتد به في الخلاف، فهذا يكون سوء فهم ممن قال هذا الكلام، فلا ينسب الكلام إلى النحاة، ولا تعمم الأحكام على أنهم ليس من شأنهم هذا وهذه الأسرار لا يعلمونها، وليس لهم في الفصاحة والبلاغة، فهذا تطاول من ابن الأثير على النحاة في بيان هذه المسألة والخلاف الواقع فيها.