وننتقل الآن إلى الحديث عما يتعلق بمسألة التكرير ابتداءً نقول:
إن التكرير ضَرْب من ضروب الإطناب، فهو تَكرار اللفظ مرددًا لغرض بلاغي يريده المتكلم، هذا التكرير يخدم النص، ويخدم الأسلوب، ويخدم الكاتب فيما يريد أن يعبر عنه، وهذا التكرير بالنسبة لكتاب الله -سبحانه وتعالى- لبِّس على بعض ضِعاف النفوس أو لبس على بعض الملاحدة الذين يكيدون لدين الإسلام الطعنَ في كتاب الله -عز وجل- عن طريق هذه الخاصية في كتاب الله، فقالوا: إن هناك تكرارًا لا فائدةَ فيه في بعض آيات القرآن الكريم -تعالى الله سبحانه وتعالى وكلامُه عما يقولون علوًّا كبيرًا. فنحن من خلال دراستنا للتكرير سيتضح لنا عِظم هذه الظاهرة في بيان إعجاز النظم القرآني، واختلافه عن غيره من سائر المنظوم.
اهتم بهذه الظاهرة العلماء وأول مَن أشار إليها ابنُ قتيبة في كتابه (تأويل مُشكل القرآن) ثم بعد ذلك أفردها ابن الأثير في كتابه (المثل السائر) وتناولها بعض البلاغيين في كتبهم، ولكنهم لم يهتموا بجانب ذكر التكرار في القرآن الكريم، اهتموا بإظهاره في الشعر والمنظوم غير القرآن، كما فعل ابن رشيق في كتابه (العمدة).
التكرير في القرآن الكريم: اعلم أنه ليس في القرآن مكرر لا فائدةَ في تكريره، فإن رأيت شيئًا منه تكرر من حيث الظاهر فأنعم نظرك فيه، فانظر إلى سوابقه ولواحقه؛ لتنكشف لك الفائدة منه.