موجودًا في الفواصل السابقة، بل ليس موجودًا في الصورة كلها، وكان من الممكن أن تكون الفاصلة: "فخبِّر"؛ اتساقًا مع الفاصلتين السابقتين.
وهذا الذي ذكرته الدكتورة عائشة ينمُّ عن إحساسٍ مرهفٍ بالقرآن الكريم وبالآية، وبيان سر الحذف فيها أنه لا يتعلق بالفاصلة فحسب، وإن كان يعطي درسًا موسيقيًّا، ويعطي جمالًا في اللفظ، إلا أنه لا بد من غرض أسمى لهذا الحذف لا يقتصر فيه على اللفظ فقط. فمثلًا مما يُستأنث به في الآية الكريمة أن نقول: إن حذف المفعول كان لتجنب مواجهة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما لا يحب، فلو قال -سبحانه وتعالى-: "قلاكَ" بمعنى كرهك، لا يناسب المقام الذي يُساق فيه الآياتُ من مقام إناس، وإشاعةِ الطمأنينة في نفسه، وتبديدِ بشعوره بالوحشة الذي أحسَّ بها بعد فتور الوحي وانقطاعه عنه فترةً من الزمن.
وبعدُ، فهذه هي أهم الأغراض التي ذكروها في حذف المفعول به، وكان الذكر والحذفُ من مظاهر النظم التي بينها الجُرجاني في كتابه (دلائل الإعجاز).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.