بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث عشر
(قضية النظم)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؛ وبعد:
قضية النظم أو مسألة النظم.
هذه المسألة سبق وأن تعرضنا لها في إيجاز على أنها وجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم صرفه إليه بعض العلماء، وصرح بأن سر الإعجاز في القرآن هو نظمُه.
التطور الدلالي لهذا المصطلح، وكيف تتطور هذا اللفظ وهذا المصطلح البلاغي على يد شيخ البلاغيين وإمامِهم عبد القاهر الجُرجاني في القرن الخامس الهجري.
فقضية النظم كانت متداولة شائعة عند العلماء الذين تحدثوا عن إعجاز القرآن، وتناولوا هذا الجانب، وخاصةً بين علماء المعتزلة وعلماء الأشاعرة الذين تناولوا هذا الموضوع حول إعجاز القرآن الكريم. أما عبد القاهر الجرجاني قد صاغ هذه النظرية وجعلها نظريةً مستقلةً في كتابه (دلائل الإعجاز) وبيَّنها تمام البيان، وكان كتابه تطبيقًا عمليًّا لهذه النظرية.
ونستطيع أن نقول: إن هذا المصطلح الذي أُلف استعماله في كتب المتقدمين لم يتحول إلى مصطلح بلاغي أسلوبي ذي دلالة خاصة إلا على يد عبد القاهر الجرجاني في القرن الخامس الهجري، ومصطلح النظم عنده يعادل مصطلح الأسلوب، وهذا ما سنبينه إن شاء الله.
أما تعرض هذا المصطلح في تطوره فكان يُستخدم بالمعنى العام، وهو الإطار الذي خرج فيه القرآن الكريم وألفاظُ القرآن الكريم وما يتميز به نَظْم القرآن الكريم جملةً، ومما اهتم بهذا الموضوع وأسهبَ في بيانه في كتابه قبل عبد القاهر