قال: الوحي الإعلام، أو قيل: {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} (النساء: 163) {أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} (المائدة: 48) أو قيل: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ} (الإسراء: 4) أعلمناهم، وأمثال ذلك، فهذا كله تقريب لا تحقيق، فإن الوحي هو إعلام سريع خفي، والقضاء إليهم أخص من الإعلام، فإن فيه إنزالًا إليهم وإيحاءً إليهم. ومن قال: لا ريب بمعنى لا شك، فهذا تقريب، وإلا فالريب فيه اضطراب وحركة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك)). ولفظ الشك وإن قيل: إنه يستلزم هذا المعنى لكن لفظه لا يدل عليه.
هذا مما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة، أن الترادف أو المعاني على سبيل التقريب ليس على سبيل التحقيق، فهناك فرق بين اللفظ وبين مرادفه، فيتبين من كلامه -رحمه الله- أنه لا ترادفَ في القرآن الكريم، بل لكل لفظ خاصية، وإلى هذا يميل البحث، فإن الله -سبحانه وتعالى- لا يضع كلمةً في مكان يجوز أن يوضَع غيرُها فيه، فالكلمة لها نسقها وسط أخواتها.
ما يتعلق بحروف المعجم أو ما يتعلق بالحروف المقطعة.
من مظاهر الإعجاز في القرآن الكريم هو استخدام هذه الحروف المقطعة في فواتح السور، فهذه الحروف التي يستخدمها العرب في كلامهم، جاءت على مثال فريد لم يبتكر قَبْل كتاب الله -عز وجل- ولم يستخدموه في أساليبهم وشعرهم ونثرهم وسجعهم، وما ذهبوا إليه من فنون الكلام، فجاء القرآن الكريم بهذه الطريقة المعجزة في الاستخدام؛ ليعرِّف العربَ ويتحداهم بهذه الحروف التي يتكون منها كلامهم.