والتطريب: وهو أن يترنم بالقرآن ويتنغم به، فيمد في غير مواضع المد ويزيد في المد إن أصاب موضعه.
والتحزين: وهو أن يأتي بالقراءة على وجه حزين يكاد يبكي مع خشوع وخضوع.
والترديد: وهو رد الجماعة على القارئ في ختام قراءته بلحن واحد على وجه من تلك الوجوه.
هذه النماذج التي ذكرها الرافعي في حديثه عن قراءة التلحين، وهي نماذج واضحة وتُسمع من بعض القراء الذين يبالغون، وخاصةً ممن يقرءون في المناسبات وغير ذلك، تجده يريد أن يجذب انتباه السامعين إلى بيان صوته وإلى أدائه، فيقع في بعض هذه الأشياء، ولا يقع في ذلك إلا مَن لا وثوق في علمه من القُراء. وبحمد الله لم نسمع أمثال ذلك من القراء الأكابر المعتمدين في زماننا، لم يلجئوا إلى هذه الأساليب في قراءتهم، وإن كانوا يراعون المقامات الصوتية وغير ذلك مما تعلموه في عصورنا الحديثة كما يقال: تعلموه تعليمًا أكاديميًّا؛ لتحسين الصوت والتغني بالقرآن الكريم. إلا أن هذه الأشياء لم تظهر فاشيةً عند القراء المعتمدين الكبار الذين تؤخذ عنهم القراءة.
فذلك الجانب هو الذي يرفض من القراءة بالتلحين؛ لأنه ربما يؤدي -كما قلنا- لإبدال حرف مكان حرف، أو اختلاس حرف، فيقع من الكلمة وتنطق على غير مرادها، وضرب الشيخ هنا مثالًا ببعضهم عندما كان يقرأ قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (الكهف: 79) فاختلس وجعلها "كأنها مسكين" يعني: "أما السفينة فكانت لمسكين لمسكين لمسكين!! ". فحذف الألف في قراءته،