فجاء في موضع "وكلا" وجاء في موضع آخر "فكلا" فاستخدمت الواو في الأولى، واستخدمت الفاء في الثانية، مع أن الأصل أن كل فعل عطف عليه ما يتعلق به تعلق الجواب بالابتداء، وكان الأول مع الثاني بمعنى الشرط والجزاء؛ فالأصل فيه الثاني على الأول بالفاء دون الواو، كقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} (البقرة: 58).

يقصد الإمام هنا أن معنى الشرط إذا كان بين فعلين الثاني مترتب على الأول استخدم معه حرف الفاء؛ لاقتران الشرط بالجزاء، واستدل بهذه الآية الكريمة: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا} (البقرة: 58) أي: إنْ دخلتم "فكلوا" هذا المعنى في الآية الكريمة.

ثم يبين أن هذا الموضع الذي استشهد به أيضًا له نظير استخدمت فيه الواو، وهو قول الله -سبحانه وتعالى- في سورة الأعراف أيضًا: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ} (الأعراف: 161) أي: "وكلوا منها" فاستخدم الواو هنا بدلًا من الفاء، فهناك فرق بين الآيتين كيف؟

الآية الأولى معنى الشرط فيها واضح، بمعنى أن الدخول يترتب عليه الإطعام، أنه يأكل منها، أما في موضع سورة الأعراف كان بصيغة "اسكنوا" فالسكنى لا تستلزِمُ الإطعام، كما أن الدخول يستلزم الإطعام فيها، فلذلك عُطف بحرف الواو بدلًا من حرف الفاء لماذا؟ لأنه لم يتعلق الثاني بالأول تعلق الجواب بالابتداء، فعطف بالواو دون الفاء.

في هذه الآية التي بدأ بالحديث عنها وهي في قصة آدم -عليه السلام- يجدُ أنّ الآيتين تعلقا بالفعل "اسكن" ولم يحدث فرق كما كان في الآية التي حمل عليها القاعدة، وهي "ادخلوا" و"اسكنوا" فالآيتان في الموضع الأول هي "اسكن" وليس فيها الفعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015