ذلك لم يلجئوا إلا إلى السيف في إخماد دعوة الحق معلنين عجزهم عن الإتيان بمثله أو عشر سور مثله مفتريات أو سورة من مثله كما سنبين إن شاء الله.
وما ورد من محاولة بعضهم معارضة القرآن كان عبارة عن سفاهات وافتراءات وكلام، كما قال الباقلاني في كتابه (إعجاز القرآن) هو أخس من أن نشتغل به وأسخف من أن نفكر فيه، ومن كان له عقل لم يشتبه عليه سخف هذا الكلام؛ يقصد ما حكي عن مسيلمة الكذاب في ادعائه أنه يستطيع أن يعارض القرآن وفي ادعائه أنه أوحي إليه مثل القرآن، وأن الله -سبحانه وتعالى- جعله نبيّا مشاركًا لرسولنا الكريم -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- وان الله أنزل عليه مثل ما أنزل على النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-؛ هذا القول الذي ورد في الكتب عنه كما قال الباقلاني أخس من أن نشتغل به:
يعني يقول: والليل الدامس والذئب الهامس ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس، ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى أخرج منها نسمة تسعى ما بين صفاء وحشا، ضفدع بنت ضفدعين نقي ما تنقين أعلاكِ في الماء وأسفلكِ في الطين لا الشارب تمنعين ولا الماء تكدرين، لنا نصف الأرض ولقريش مثلها ولكن قريشا قوم يعتدون والمبديات ذرعا والحاصدات حصدا والذاريات قمحا والطاحنات طحنا والخابزات خبزا.
كلام هراء وكلام يعني لا يستحق أن يوقف عنده، ولكنه ذُكر في الكتب لبيان كيف أن هذا الكذاب الضال خدع بعض الناس وتبعه بعض الناس على هذا الهراء الذي يقول؛ لتعلم أيها الابن الكريم كيف عصمك الله -سبحانه وتعالى- وشرّفك بهذا الدين، هذا الاستفسار الذي سأله أبو بكر -رضي الله عنه- وأرضاه عندما جاءه بعض الناس من اليمامة وسألهم عما يقول مسيلمة فأخبروه بمثل هذا الكلام أو نحوه، فقال: سبحان الله هذا الكلام لا يكون عن إل؛ أي لا يخرج عن ربوبية يعني فكيف كنتم تصنعون يعني كيف استطاع أن يخدع بعضكم وأن يسير البعض وراءه وهو يقول هذا الهراء.
فمن ثَم كان الاهتمام ببيان إعجاز القرآن في لغته، وكيف جاء بديع النظم عجيب التأليف متناهيًا في البلاغة إلى الحد الذي يعلم عجز الخلق عنه؛ لأن هذا هو أساس التحدي الذي أعلنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى