الأساس الأول: صدق الخبر الذي يستند إليه الباحث، فلا يعتمد على كاذب، أو مضلل، وإلى هذا الأساس يشير قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ}. فعلى الباحث إذا استمع يجب أن يكون مصدر سمعه أهل الثقة والصدق وإلا فهو مسئول عما سمع، واعتمد عليه.
الأساس الثاني: التجارب المعملية والمشاهدات المرئية؛ ليتأكد الباحث من سلامة نتائج بحثه، وإلى هذا الأساس يشير قوله: {وَالْبَصَرَ}.
الأساس الثالث: ما يتوصل إليه العقل البشري من خلال التفكير والتدبر فيما ليس فيه خبر عن ثقة، أو تجربة متاحة، وإلى هذا الأساس يشير قوله: {وَالْفُؤَادَ}. وإلى جانب هذه الأسس وضع الإسلام مبادئ عامة لا بد من توافرها لتؤدي الأبحاث دورها المنشود منها وتؤتي الثمار المرجوة لها، من هذه المبادئ: حرية التفكير، وعدم التقليد الأعمى.
أما المبدأ الأول: وهو حرية التفكير، فقد وسع الإسلام دائرتها؛ بحيث لا تقتصر على البحث العلمي فقط، بل جعلها شاملة لكل شيء حتى في اعتناق الإسلام ذاته قال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين} (البقرة: 256). وحينما شرع الإسلام للإنسان حرية التفكير؛ فإنه راعى في ذلك ناحيتين، الناحية الأولى: تكوين عقول الناس فهذا التكوين مكرم من الله عز وجل، الناحية الثانية: عدم إيجاد مؤثرات، وضغوط خارجية تؤثر على عقل الإنسان أيًا كانت تلك المؤثرات، وأيًّا كانت تلك الضغوط، فبعض الناس قد تقف أمامهم عقائد معينة، أو أنظمة خاصة تؤثر على تفكيرهم، وطريقة اختيارهم فأراد الله عز وجل ألا يجعل لذلك كله ميزانًا في اختيار ما يراه الإنسان صوابًا بعد مراعاة أسس البحث العلمي.