الإعجاز في النص الكريم ذو مناح عديدة؛ وأهم مسألتين هما:
المسألة الأولى: قوله - جل وعلا -: {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} فقد سبق القرآن العلم في لفت أنظار البشرية إلى قدرة النحل على سلوك الطرق، وحث العلماء على البحث في ذلك، فاكتشفوا تفرد النحل بالنظام المعلوماتي الذي ييسر له شق الطرق البعيدة بسهولة ويسر، وهكذا تأكد للكافة أن كلمة القرآن هي الحق {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا}؛ أي ميسرة سهلة على النحل بما زوده الله من نظام دقيق للمعلومات، وقدرة فائقة على تحديد المكان المطلوب الوصول إليه، وربما لا يتوفر لأنواع أخرى من الحشرات.
المسألة الثانية: قوله - جل وعلا -: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} ظل كثير من الناس لا يعرف من منتجات النحل سوى العسل فقط؛ لذلك انصرف فهمهم من الآية إلى العسل وقالوا: بأن الشراب المقصود هنا هو العسل، ولكن العلم الحديث يوضح أن هناك أنواع ًا وأنماطًا من الشراب بالإضافة إلى العسل، والقارئ للآية القرآنية بلغتها العربية يعرف أن لفظة شراب جاءت نكرة؛ أي غير معرفة ب ـ" أل " ويدل هذا على إطلاق المعنى على كل ما هو شراب أو سائل يخرج من النحل.
إذًا فاللفظة الواردة في هذه الآية ذات مدلولات كثيرة وليس مدلولًا واحدًا، وشراب النحل يخرج من منطقة البطن التي توجد بها حوصلة العسل وغدد إنتاج مواد أخرى، وأما التعبير {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} فيعني أن هذا الشراب له ألوان مختلفة، وقد فهم الناس قديمًا أن الألوان المختلفة تعني ألوان العسل وهذا فهم صائب، لكن اللغة العربية غنية بمكوناتها، ومن هذه المكونات المعاني المجازية للفظ فالألوان في اللغة العربية قد تعني الأنماط والأشكال، وذلك إضافة إلى معناها الصريح المباشر.