كذلك يؤكد القرآن الكريم كروية الأرض في آيات التطابق؛ أي: تطابق كل من السماوات والأراضين، ولا يكون التطابق بغير انحناء وتكوير، وفي ذلك يقول ربنا: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} (الملك: 3)؛ أي: متطابقة يغلِّف الخارج منها الداخل فيها، ويشير القرآن الكريم إلى اتفاق لأرض في ذلك بقول الله سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} (الطلاق: 12)؛ أي: سبع أراضين متطابقة حول مركز واحد، يُغلِّف الخارج منها الداخل فيها. كذلك تشير آيات المشرق والمغرب التي ذكرت بالإفراد والتثنية والجمع إلى حقيقة كروية الأرض، وإلى دورانها حول محورها أمام الشمس، وإلى اتجاه هذا الدوران، وفي ذلك يقول الحق سبحانه: {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} (الشعراء: 28)، ويقول {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} (الرحمن: 17)، ويقول سبحانه {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} (المعارج: 40، 41) فالمشرق هو جهة طلوع الشمس والمغرب جهة غيابها، ووجود كلٍّ من المشرق والمغرب يؤيِّد كروية الأرض، وتبادلهما يؤكد دورانها حول محورها أمام الشمس من الغرب إلى الشرق، والأرض لها مشرق حقيقي واحد، ومغرب حقيقي واحد عموديان على اتجاه الشمال الحقيقي الذي حدَّده لنا الخالق سبحانه بالنجم القطبي، وفي الوقت الذي تشرق فيه الشمس على جهة ما من الأرض تكون قد غربت في نفس اللحظة عن جهة أخرى.
ولما كانت الأرض منبعجة قليلًا عند خط الاستواء كانت هناك قمَّة عُظمى للشروق وأخرى للغروب {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (المزمل: 9)، ولما كانت الشمس تُشرق على الأرض في الفصول المختلفة من نقاط المختلفة، كما تغرب عنها من نقاط مختلفة، وذلك يُسبب ميل محور دوران الأرض بزاوية مقدارها 23.5 درجة على مستوى فلك دورانها حول الشمس؛ كانت هناك مشارق