فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (ق: 7)، وقوله تعال ى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} (المرسلات: 27).
وهذه حقائق لم يتوصل الإنسان إلى إدراك شيء منها إلا في القرنين الماضيين بصفة عامة، وفي أواخر القرن العشرين بصفة خاصة، ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرًا لهذا السبق العلمي غير الخالق سبحانه، وفي هذا من التأكيد القاطع والحزم الجازم ما فيه؛ لأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وحفظه بعهده الذي قطعه على ذاته العليَّة على مدى أربعة عشر قرنًا، أو يزيد، وإلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وأن خاتم الأنبياء والمرسلين تلقَّى هذا القرآن عن ربه بواسطة الوحي الذي بقي موصولًا به حتى أتاه اليقين، وأنه -عليه أفضل السلام وأزكى التسليم- كان كما يصفه القرآن الكريم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3، 4).
نأتي بعد ذلك إلىشرح قول الله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} (الزمر: 5) هذه الآية تُبيِّن لنا كروية الأرض، هذا النص القرآني الكريم جاء في مقدمة سورة الزمر والتي سُمِّيت بهذا الاسم لحديثها عن زمر المتقين السعداء المكرمين من أهل الجنة، وزمر العصاة الأشقياء المهانين من أهل النار، وحال كل منهم في يوم الحساب.
وسورة الزمر مكية، وعدد آياتها خمس وسبعون آية، ويدور محورها الرئيسي حول قضية العقيدة، شأنها في ذلك شأن كل السور المكية، ولذلك فهي تركز على عقيدة التوحيد الخالصة لله بغير شريك، ولا شبيه، ولا منازع، ولا