وبخروج جذور الجبال من نطاق الضعف الأرضي الذي كانت طافية فيه كما تطفو جبال الجليد في مياه المحيطات؛ فإن الجبال تفقد القدرة على الارتفاع إلى أعلى، وتظل عوامل التعرية في بريها حتى تسويها بسطح الأرض تقريبا، وحينئذ تنكشف جذور الجبال وبها من الثروات المعدنية ما لا يمكن أن يوجد إلا تحت مثل ظروف أوتاد الجبال التي تتميز بقدر هائل من الضغط والحرارة.

وعلى هذا النحو ف إن الجبال قد لعبت ولا تزال تلعب دورا مهما في بناء قارات الأرض، وفي الزيادة المستمرة لمساحة تلك القارات بإضافة الكتل الجبلية إلى حواف تلك القارات بطريقة مستمرة، ومعنى ذلك أن كل قارات الأرض بدأت بسلاسل من أقواس الجزر البركانية في وسط المحيط الغامر، وأنه باصطدام تلك الجزر كونت القارة الأم التي تفتت بشبكة هائلة من الصدوع إلى القارات السبع التي نعرفها اليوم، والتي ظلت تنزاح متباعدة عن بعضها البعض حتى وصلت إلى أماكنها الحالية، والتي لا تزال تتزحزح عنها وبقيت القارات على هيئة أطواف ومنظومات وسلاسل وأحزمة جبلية معقدة، وأن تلك المرتفعات جعلت سطح الأرض على درجة من وعورة التضاريس لا تسمح بعمرانها، ثم بدأت سلسلة من الصراع بين العمليات الأرضية الداخلية البانية للجبال والرافعة لها، والعمليات الهدمية الخارجية التي تعريها، وفي نهاية هذا الصراع تنتصر العوامل الهدمية الخارجية فتسوى الجبال وتخفض من ارتفاعاتها بالتدريج في محاولة للوصول بها إلى مستوى سطح البحر.

ولذلك فإن كل سهول ومنخفضات اليابسة الحالية كانت في يوم من الأيام جبالا شاهقة، ثم عرتها عوامل التجوية والتحات والتعرية حتى أوصلتها إلى مستوياتها الحالية، وأن الكتل الصخرية القديمة التي تعرف باسم الرواسخ أو المجن وهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015