ومن هذا القبيل يحسب العلماء أن الجليد المتجمع فوق قطبي الأرض وفي قمم الجبال المرتفعة فوق سطحها إذا انصهر، وهذا لا يحتاج إلى مجرد الارتفاع في درجة حرارة صيف تلك المناطق بحوالي خمس درجات مئوية، وإذا حدث ذلك فإن كم الماء الناتج سوف يؤدي إلى رفع منسوب الماء في البحار والمحيطات إلى أكثر من مائة متر فيغرق أغلب المناطق الآهلة بالسكان، والممتدة حول شواطئ تلك البحار والمحيطات إلى عمق لا يكاد يتجاوز الخمسمائة كيلو مترا في أغلب الأحيان.
وليس هذا من قبيل الخيال عميقا لا يكاد يتجاوز نسبة الخمسمائة أو العدد الخمسمائة كيلو مترا في أغلب الأحيان، وليس هذا من قبيل الخيال العلمي؛ فقد مرت بالأرض فترات كانت مياه البحار فيها أكثر غمرًا لليابسة من حدود شواطئها الحالية.
كما مرت فترات أخرى كان منسوب الماء في البحار والمحيطات أكثر انخفاضًا من منسوبها الحالي؛ مما أدى إلى انحصار مساحة البحار والمحيطات وزيادة مساحة اليابسة، والضابط في الحالين كان كم الجليد المتجمع فوق قطبي الأرض، وفي قمم الجبال، وفوق بعض الأجزاء الأخرى من اليابسة؛ فكلما زاد كم الجليد انخفض منسوب الماء في البحار والمحيطات؛ فانحصرت عن اليابسة التي تزيد مساحتها زيادة ملحوظة، وكلما قل كم الجليد ارتفع منسوب المياه في البحار والمحيطات وطغت على اليابسة التي تتضاءل مساحتها تضاؤلًا ملحوظًا.
من هنا كان تفسير القسم القرآني بـ {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} بأن الله تعالى يمن علينا، وهو صاحب الفضل والمنة بأنه ملأ منخفضات الأرض بماء البحار والمحيطات، وحجز هذا الماء عن مزيد من الطغيان على اليابسة؛ وذلك بحبس كميات من هذا