أولًا: والبحر المسجور بمعنى المملوء بالماء والمكفوف عن اليابسة، الأرض هي أغنى كواكب المجموعة الشمسية بالماء الذي تقدر كميته بحوالي 1360 إلى 1385 مليون كيلو مترا مكعبا، وهذا الماء قد أخرجه ربنا -سبحانه- كله من داخل الأرض على هيئة بخار ماء اندفع من فوهات البراكين، وعبر صدوع الأرض العميقة ليلاقي الطبقات العليا الباردة من نطاق التغييرات الجوية، والذي يمتد من سطح البحر إلى ارتفاع حوالي ستة عشر كيلو مترا فوق خط الاستواء، وحوالي عشرة كيلو مترات فوق قطبي الأرض.
وتنخفض درجة الحرارة في هذا النطاق باستمرار مع الارتفاع حتى تصل إلى ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمته فوق خط الاستواء، وهذا النطاق يحوي حوالي ثلثي كتلة الغلاف الغازي للأرض 66% والمقدرة بأكثر قليلًَا من خمسة آلاف مليون مليون طن، وهو النطاق الذي يتكثف فيه بخار الماء الصاعد من الأرض، والذي تتكون فيه السحب، وينزل منه كل من المطر والبرَد والثلج، وتتم فيه ظواهر الرعد والبرق، وتتكون العواصف والدوامات الهوائية وغير ذلك من الظواهر الجوية.
ولولا تبرد هذا النطاق مع الارتفاع ما عاد إلينا بخار الماء الصاعد من الأرض أبدا، وحينما عاد إلينا بخار الماء مطرا وثلجا وبردا انحدر على سطح الأرض؛ ليشق له عددًا من المجاري المائية، ثم فاض إلى منخفضات الأرض الواسعة؛ ليكون البحار والمحيطات، وبتكرار عملية التبخر من أسطح تلك البحار والمحيطات ومن أسطح اليابسة بما عليها من مختلف صور التجمعات المائية والكائنات الحية بدأت دورة الماء حول الأرض من أجل التنقية المستمرة لهذا الماء، وتلطيف الجو وتفتيت الصخور وتسوية سطح الأرض وتكوين التربة وتركيز عدد من الثروات المعدنية.