ومايزت سورة الحج بين عذاب الكافرين في الآخرة ونعيم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأشارت إلى أن من الكفر بالله الصد عن سبيله وعن المسجد الحرام والظلم والإلحاد فيه، وأكدت أن الله تعالى قد هدى إبراهيم -عليه السلام- إلى التوحيد الخالص، وإلى مكان البيت الحرام وأمره برفع قواعده وإعادة بنائه، والعمل على تطهيره للطائفين والقائمين والركع السجود، وأن يؤذن في الناس بالحج يأتوه من كل فج عميق، وبذلك أقامت فريضة الحج وما فيها من تعظيم لشعائر الله، وحذرت من انتهاك حرمات الله، وأمرت بالحلال من الطعام، وباجتناب الرجس من الأوثان واجتناب قول الزور.
كما أمرت بالحنيفية السمحة، ونهت عن الشرك بالله وحذرت من عقاب المشركين في يوم الدين، وأكدت أن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، وأشارت إلى أن الله -سبحانه- قد جعل على كل أمة قربانا تقدمه لله شكرا على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، وتكرر سورة الحج تأكيد وحدانية الله وضرورة الخضوع الكامل لجلاله ل لإسلام له، وتأمر خاتم الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم - أن يبشر بخيري الدنيا والآخرة كلا من المتواضعين لله تعالى والمطمئنين إلى حكمه والذين تخشع قلوبهم لذكره، والصابرين على قضا ئ هـ، والمقيمين للصلاة خالصة له، والمنفقين مما رزقهم الله طلبا لمرضاته.
وأكدت أن من شعائر الحج النحر لله فإذا ذبحت البدن بعد ذكر اسم الله عليها أكل منها مقدمها وأطعم السائل وغير السائل ممن يتعرضون له، ولذلك سخرها الله تعالى لهم من قبيل الشكر لله على وه ب تلك الأنعام، وعلى هدايته - سبحانه - لهؤلاء المحسنين الذين قدموها قربانا إلى الله بشرهم الله تعالى بالقبول فيقول - سبحانه: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (الحج: 37، 38).