بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس العاشر
(شرح قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ... })
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
سنشرح قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة: 29).
تمهيد عن خلق السموات والأرض في القرآن الكريم:
أجمل القرآن الكريم خلق السموات والأرض في ثلاثة مواضع:
يقول الله سبحانه: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (الذاريات: 47).
ويقول الحق سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء: 30).
ويقول سبحانه: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وبَارَكَ فِيهَا وقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا ولِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا وْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (فصلت: 9 - 12).
ولقد ثبت علميًّا منذ الثلث الأول للقرن العشرين أن من صفات الكون، الذي نحيا فيه أنه كون دائم الاتساع إلى ما شاء الله؛ بمعنى أن المجرات فيه تتباعد عن مجرت هـ ا، وعن بعضها البعض بسرعات تقترب أحيانا من ثلاثة أرباع سرعة الضوء.
وقد احتار العلماء والمفسرون في تحديد أيهما كان الأسبق للخلق الأرض أم السموات؟ أم أنهما قد خلقا في وقت واحد؟ وينسون أن الزمن من خلق الله، وأن القبلية والبعدية اصطلاحات بشرية، لا مدلول بالقياس إلى الله تعالى، الذي لا يحده الزمان ولا المكان.