تناقصَتْ شدته مع استمرار تمدد الكون وتبرده، ولكن لابد وأن تبقى منه بقية في صفحة السماء؛ إذ أمكن البحث عنها وتسجيلها، كانت تلك البقية الإشعاعية من أقوى الأدلة على بدءِ خلق الكون بعملية الانفجار الكبير. وفي سنة 1964 تمكن اثنان من علماء مختبرات "بِل" للأبحاث، وهما "أرنو بنزياس" و"روبرت ويلسون" بمحض المصادفة من اكتشاف تلك البقايا الأثرية للإشعاع الحراري الكوني على هيئة ضوضاء لاسلكية محيرة تفد بانتظام إلى الهوائي الذي كانا قد نصباه لغاية أخرى من جميع الجهات في السماء حيثما وجه الهوائي، وقدروها بثلاث درجات مطلقة 270 درجة مئوية تحت الصفر المئوي.
في الوقت نفسه كان كل من روبرت دايك" وتلميذه "بيبلز" قد استنتجا من معادلاتهم الرياضية الفلكية: أن النسب المقدرة لغازي الإيدروجين والهيليوم في الكون تؤكد الكمية الهائلة من الإشعاع التي نتجت عن الانفجار الكبير، وتدعم نظريته، ومع تمدد الكون ضعف هذا الإشعاع بالتدريج، وانخفضت درجة حرارته إلى بضع درجات قليلة فوق الصفر المطلق الذي يساوي 273 درجة تحت الصفر المئوي. في سنة 1965 م قام كل من "بنزياس" و"ويلسون" بتصحيح قيمةِ البقايا الأثرية للإشعاع الحراري الكوني، وأثبتا أنها من الموجات الكهرومغناطيسية المتناهية في القصر.
في سنة 1989 م أرسلت مؤسسة ناسا الأمريكية إلى الفضاء مركبة فضائية لجمع المعلومات حول الإشعاع الحراري الكوني، أطلق عليها اسم مكتشف الخلفية الإشعاعية، وزود بأجهزةٍ فائقة الحساسية أثبتت وجود تلك الأشعة الأثرية المتبقية عن عملية الانفجار العظيم. وكان في هذا الاكتشاف التفسير المنطقي لسبب الأزيز اللاسلكي المنتظم الذي يعج به الكون، والذي يأتي إلينَا من مختلفِ