الثاني: نعيد أطراف أصابعه كما كانت بعد أن تبلى ويبلى جسده كله.
وفي هذا إشارة إلى قدرة الله على إعادة ما هو دقيق لطيف من جسم الإنسان، وكأن المعنى: بلى إنا قادرين على جمع ما هو أدقُّ من العظام، وهي تلك الأطراف اللطيفة.
وقد جاء في العلم المعاصر ما يفيد بعلمٍ خاصٍّ بالبنان، وهو ما يسمى بالبصمة، ووجدوا أنَّ كل إنسانٍ له بصمة تخصُّه لا يمكن أن يشاركه فيها أحدٌ، وحملوا سبب ذكر البنان على هذا المعنى الذي ذكروه.
وإذا تأمَّلت هذا القول، والقول الذي قبله لا تجدُ بينهما اختلافاً، فالأولون نظروا ـ بما وصلهم من علم ـ إلى ما في البنان من دقة ولطافة وحسن تفاريق، فحملوا سبب ذكرها على هذا المعنى.
والمعاصرون زاد عندهم تفصيل أدقُّ في البنان، فذكروه، ولا يعني هذا أنَّ ما ذكره الأولون غير صحيح، لكن ما قاله السلف له وجه صحيح، وما ذكره المعاصرون قولٌ محتملٌ، والله أعلم.
مسألة: هل يلزم تجهيل السلف بما في القرآن من هذه الوجوه الجديدة؟
إن المجال لا يتسع لمقدمة لا بدَّ منها، فأكتفي بالإشارة إليها، وهي منْزلة علم السلف وتفسيره، وقيمته بالنسبة لتفسيرات المتأخرين، وتلك قضية مهمة غفل عنها كثيرٌ ممن دخل في الإعجاز العلمي، ففرح بما أوتي من العلم، وظنَّ ـ جهلاً منه ـ أنَّ تفسيرات السلف تفسيرات ساذجة، وليس فيها قيمة علمية، وتلك بلية بلا ريب.
وأقول: إنَّ المقام الذي يجب علينا أن نقومه أمام تفسير السلف يتمثَّل في أمور: