ويمكن القول بعد هذا النقل الذي لا بدَّ منه ـ مع طوله ـ أنَّ ما قدَّمه الباحث لا يعدو التنبيه على وجود هذه الأنواع من الحجارة في الأرض، فوافق الخُبر الخَبر، وذلك أمر لا محالة منه لأن خالق الحقيقة الكونية هو قائل الحقيقة القرآنية، فلا يمكن أن يتخلف خبره عن خلقِه.
ولعلك تلاحظ أن الوصول إلى ما قرَّره القرآن بعبارة موجزة سهلة من أمر هذه الحقيقة = استغرق أبحاثاً حتى وصلوا إليها.
كما أنَّ الباحث لم يُجنِّب نفسه ما نهى عنه منظِّرو الإعجاز من البعد عن المجاز والقول به، فذهب إلى ما لم يدركه من هبوط بعض الحجارة إلى احتمال المجاز، وذلك التخريج فيه نظر، فهو قد وصل إلى إدراك الحقيقة في التمثيل بالحجارة من النوعين الأولين، فهلاَّ سلَّم الأمر لله، وترك احتمال المجاز، فقد يصل غيره فيما بعد إلى ما لم يصل له، وإن لم يصل فليس علينا أن نعدو ظاهر القرآن إلى القول بالمجاز لأجل شبهة عارضة، ونحن نعلم أن الله قادر على كل شيء، وقد قال: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44].
وأما القسم الثاني، وهو الآيات التي تحتاج معانيها إلى تفسير، فمن أمثلته ما ورد في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47].
وهذه الآية للسلف فيها قولان:
الأول: وإنا لقادرون، مأخوذ من الوُسْعِ، وهو القدرة والطاقة.
الثاني: جاعلوها ذات سعة، فهو من السَّعةِ والانفساح.
وهذا على حكاية حالها بعد خلقها، وأنها خُلِقت واسعة فسيحة.
وجاء في علم الفلك ما يدل على أنَّ الكون يتمدد، وبنى عليه بعضهم أنَّ هذا التمدد الذي توصل إليه علماء الفلك هو المقصود بقوله: