وزاد الأمر أن جعل مادة (الكُنَّس) صيغة منتهى الجموع، فقال: «وعندي أن الكُنَّس هي صيغة منتهى الجموع للفظة كانس؛ أي: قائم بعملية الكنس وجمعها (كانسون)، أو (كَنَّاس) وجمعها (كَنَّاسون)، والكانس والكَنَّاس هو الذي يقوم بعملية الكنس؛ أي: سفر شيء عن وجه شيء آخر وإزالته» (?).
ولست أدري من أين جاء بصيغة منتهى الجموع هذه؟! وهو قد اشترط «حسن فهم نص القرآن الكريم وفق دلالة الألفاظ في اللغة العربية، ووفق قواعد تلك اللغة العربية، وأساليب التعبير فيها، وذلك لأن القرآن الكريم قد أنزل بلسان عربي مبين» (?).
فها هو لسان العرب، فأين وجد صيغة منتهى الجموع، وإنما ظهرت له ـ فيما يبدو ـ من أجل أنه يقول بأنها تلك النجوم التي تكنس صفحة السماء فلا تُبقي شيئاً خلفها، فكأنه أخذ من هذا المعنى صيغة منتهى الجموع، وهذا مأخذ غير لغوي، والله أعلم.
الوقفة الثانية: النظر في السياق:
أليس في السياق ما يشير إلى النجوم بعمومها؟ فهي التي تتصف بالخنوس؛ أي: التأخر عند ظهورها في أول الليل بسبب اختفائها في ضوء النهار، ثم هي دائمة الجريان في فلكها، ثمَّ هي تكنس في آخر الليل؛ أي: تدخل في كناسها، وهو ضوء النهار المشرق، فهذه النجوم تتناسب مع الآيات الكونية المرئية للناس أجمعين، وهي ما جاء في الآيات بعدها: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ *وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 17 - 18]، بخلاف تلك النجوم الشافطة التي لا يراها إلا أقلُّ الناس، بل أندرُهم،