فالجواب: لا، بل الحديث في ذلك نافع، لكن يُنتبه لأمور:
الأول: أن لا يُسمى البحث في قضايا العلم التجريبي بهذا الاسم (الإعجاز العلمي).
الثاني: أن لا يُنطلق في الحديث من القرآن لأجل إثبات أن القرآن قد تحدث عن هذه القضية أو تلك.
الثالث: أن يُنطلق في الحديث عن هذه الأمور من باب بيان عظمة الله في خلقه، وإن جاءت الآيات في البحث عن عظمة الله في خلقه فمجيئها على سبيل الاستشهاد لا على سبيل تقرير ما فيها من أمور متعلقة بالبحوث التجريبية.
وسيظهر الفرق جليّاً بين الطريقتين في البحث:
فالانطلاق من بيان عظمة الخلق سيجعل الباحث غير مقيَّد بموضوع معيَّنٍ يريد إثباته، بل سيكون حديثه عامّاً، فيتحدث عن عموم القضية الكونية؛ كالحديث عن النجوم على سبيل العموم، فتأتي القضايا التي ذكرها القرآن في معرض الحديث عنها، دون أن يكون القصد إلى إثبات مطابقة العلم التجريبي لما فيها من معانٍ ودلالات.
أما لو انطلق من الآيات لتقرير مسألة الإعجاز العلمي، فإنه سيكون مقيَّداً بإثبات دلالة القرآن دلالة واضحة لا لبس فيها على تلك القضية التي يذكرها، وسيدخل في أمرين:
الأول: لزوم ما لا يلزم، حيث يُلزم نفسه بما ليس لازماً أصلاً في البحث والتقرير.
الثاني: أنه يدخل إلى القرآن بمقررات سابقة تجعله يلوي عنق النصِّ إلى هذه المقررات من حيث لا يشعر. بل إن بعضهم قد يشعر لكنه يتكلف الربط، ولو على سبيل المجاز الذي حذَّر منه بعضُ منظري