عن عجزه، وأظهر عدم قدرته، فمن كان بعدهم ممن بَعُدَ عن تلك اللغة الشريفة أولى بالعجز وعدم القدرة.

وإذا كان هذا بيِّناً، فإنه يظهر أنَّ التحدي لم يكن بغير ما كانوا بارعين فيه، عارفين له، ومالكين لأزمَّة أمره، وهو جانب النظم والبيان، أما غيره مما انسبك في هذا النظم من أمور تشريعية وتاريخية وغيبية وغيرها، فهي مما لم يُطالبوا بالإتيان بمثله؛ لأنهم غير قادرين عليه أصلاً، بل إنه من المحال أن يكون ذلك مما طُولبوا به، ولو كان، لجاز لهم أن يعترضوا بأنهم لو طولبوا بما أداته عندهم لجاءوا به، فلما لم يقع منهم ذلك دلَّ على أنَّ هذه الأمور بمعزلٍ عن التحدي والإعجاز.

ولو طولبوا بهذا لكان كمن يتحدَّى قوماً بأن يفعلوا شيئاً، وهم عاجزون عن أصل الفعل، بخلاف من يتحدى قوماً يملكون أداة ما يتحدَّاهم به، ويريهم عجزهم عن الإتيان بما أتاهم به، وهذا أبلغ في التحدي، وأدلُّ على القدرة.

ثانياً: ما المراد بالعلم الذي نُسب إليه الإعجاز:

يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني: «وصف الإعجاز هنا بأنه علمي نسبة إلى العلم.

والعلم: إدراك الأشياء على حقائقها. أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تامّاً.

والمقصود بالعلم في هذا المقام: العلم التجريبي، وعليه فيعرَّف الإعجاز العلمي بما يلي ...» (?). ثم ذكر التعريف المنقول عنه سابقاً.

وهذا الذي صرَّح به الشيخ الزنداني لا خلاف فيه عند كل من كتب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015