يجد أنَّه يتوجه إلى القول دون ما سواه من المضمون، ثمَّ جاء الردُّ عليهم بأن يأتوا بحديث مثله في النظم والبيان دون غيره من المعاني المنسوبة للإعجاز.

وقد نفى الله تعالى عنه في غير ما موضع أن يكون من قول أحدٍ من البشر، فقال تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ *ولاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: 41 - 42]، وقال تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [التكوير: 25].

كما يدلُّ عليه حال العرب الذين نزل عليهم القرآن، فقد تحيَّروا في وصفه لأجل ردِّه، وليس لأنهم لم يقفوا على كنهه، فهم مقرُّون بأنه ليس من جنس كلام البشر، وإن لم ينطقوا بهذا، فلما أرادوا أن يتفقوا على كلمة في القول الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم = قالوا: كاهن، أو شاعر، أو ساحر، أو مجنون، وقال الوليد بن المغيرة واصفاً للقرآن: «والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فَرْعَه لجناة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عُرِف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: ساحر؛ جاء بقول يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته» (?).

فهذا البيان من الوليد يُشعِرك بأنهم كانوا يدركون سرَّ هذا التحدي الذي ألزمهم الله به، ولم يستطيعوا أن يجابهوه، فراحوا يتلمسون له شبيهاً يطلقونه عليه لأجل أن لا يؤمن به أحد من العرب إذا سمعه، ولعلك على خُبْرٍ من خبر الطفيل بن عمرو الدوسي (?)، فلما سمع القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015