الوليد: أقد تحدث به عشيرتي؟! فلا والله لا أقرب ابن أبي قحافة، ولا عمر، ولا ابن أبي كبشة، وما قوله إلا سحر يؤثر. فأنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدثر: 11] إلى قوله: {لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ} [المدثر: 28].
وقال قتادة: زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال الرجل فإذا هو ليس بشعر، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يعلى، وما أشك أنه سحر. فأنزل الله: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} الآية [المدثر: 19]، {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} [المدثر: 22] قبض ما بين عينيه وكلح.
والمقصود أن الذي ينتظم ـ من وجوه الإعجاز المحكية ـ في كلِّ سورة، ولا يتخلف عن واحدةٍ منها = هو ما يتعلق بالنظم العربي، وهو المتحدَّى به، دون ما سواه من أنواع الأوجه المحكية في إعجاز القرآن.
وإذا جاز لنا أن نعدل عن مصطلح (أنواع إعجاز القرآن) إلى (دلائل صدق القرآن)، فإنه يمكن القول بأن وجوه صدق هذا الكتاب تظهر في جوانب كثيرة جداً:
منها ما دلَّ عليه الله بقوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}.
ومن وجوه صدقه حفظُه من التبديل والتغيير طيلة هذه القرون، ومن وجوه صدقه كونُه حقّاً في كل أموره كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ *لاَ يَاتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، إلى غير ذلك من وجوه الصدق الكثيرة التي سمَّاها بعض العلماء (وجوه الإعجاز) كما فعل السيوطي (ت:911هـ) في كتابه (معترك الأقران في إعجاز القرآن).
وبعض دلائل الصدق (أنواع الإعجاز) ليست مختصةً بالقرآن، بل هي مرتبطة بكلام الله سبحانه وتعالى، سواءٌ أكان كلامَ الله النازل على إبراهيم عليه