ومن هنا، فلو اقتصر المفسر على ما وصله من تفسير السلف، فإنه قد تمسَّك بالحق بلا ريب، وخرج من عُهدة المساءلة، بخلاف من تعرض للإعجاز العلمي (الظني الدلالة)، فإنه لا يسلم من ذلك بأن يقال له: من أين علمت أن هذا هو مراد الله؟
أما الأول فيقول: علمته من كون الأمة خلفاً عن سلف تناقلت هذه الأقوال بلا نكير، واعتمدتها في التفسير، ولم يجعلوا ما جاء عن سلفهم باطلاً، ولم يتركوه وراءهم ظهريّاً، وإن احتاج العلماء المحرِّرون في التفسير إلى بيان أقرب الأقوال أو أولاها بالصحة والصواب من الأقوال المختلفة في تفسير سلفهم اعتمدوا القواعد العلمية، وبينوا ذلك بالطرق المعتبرة عند أولي العلم بالتفسير.
وهذا حقٌّ ظاهر بلا ريب، وإن كان قد يخفى عن بعض من يتكلم في الإعجاز العلمي لغلبة هذا الموضوع عليه، وتمكنه من نفسه، حتى يظنَّ أن ما جاء به فإنه حقٌّ لا شكَّ فيه. ولا يخفاك أن من ظنَّ هذا الظنَّ فإنه مخطئٌ.
* * *