المقالة السادسة
تعريف الإعجاز العلمي بالسبق هل هو دقيق في التعبير عن مضمونه؟ (?)
لا يفتأ من يقرأ في تقريرات العلماء في التعريفات، أن يجد حرصهم على دفع الإشكالات عنها، وعلى جعل المصطلح منطبقاً على مضمون القضية التي يتحدثون عنها، وقد قامت سجالات علمية في تحرير مصطلحات العلوم، ولك أن تنظر في مصطلح (النحو) (أصول الفقه) (البلاغة) (التفسير) إلى غيرها من المصطلحات التي لا يخفى على طالب العلم ما دار حولها من النقاشات.
ولا يخفى على طالب العلم ما في تحرير مصطلح جديد من العناء والتعب، حتى يرى أنه لا يكاد يُوفَّق فيه إلا بعد جهد جهيد، وعرض على كثير من العقول تختبره وتبلوه حتى يخرج حسناً مقبولاً.
وطالب الحقِّ لا ينزعج من أن يُعترض عليه في تعريفه، بل أن يُنقض تعريفه؛ لأن الحقَّ مطلبُه وبغيته، ولا ينزعج من ذلك إلا قليل البضاعة في العلم، أو ضيق النفس الذي لا يحتمل الصولة في العلم.
وإذا كان المطلوب من خُلقِه أن لا يكون كذلك، فمطلوب منه ـ أيضاً ـ أن لا ينزعج من عدم قبول انتقاده لأمر ما، وهذا هو ديدن طالب العلم في خُلقه، ديدنه أن يكون قولُه محاطاً بصفتي (العدل والعلم)، فالعدل يقيه من أن يُعرِض عن الحقِّ إذا كان الحقُّ مع غيره،