الإسرائيليات، والتشنيع على المفسرين الذين ذكروها، حتى صاروا يعدون ذكرها أو الإكثار منها من عيوب التفاسير، بل زعم بعضهم أنها من أسباب ضعف التفسير المأثور عن السلف، وذهب بعضهم إلى الدفاع عن التفسير بردِّ الدخيل منه، ومن هذا الدخيل عندهم الإسرائيليات، بل طالب بعضهم بطبع كتب التفسير من جديد بعد حذف الإسرائيليات منها، وهذا المنهج الذي سلكوه ليس بصواب، وليس هو السبيل الذي سار عليه العلماء سلفاً وخلفاً في هذا الموضوع، ونقاش ذلك ليس هذا محله، وهو أمر يطول تقريره.
وبعد، فإنَّ ورود بعض التفاسير عنهم مما تلقفوه من بني إسرائيل لا مشاحة في ردِّه إذا ثبت ثبوتاً يقينيّاً خطؤه، وليس على من نقله منهم تثريب أو ملامة، فالإنسان يتكلم على حسب ما ورده من العلم.
وإن رأى بعض من يطلع على مقالتي هذه تشديداً في مسألة الإعجاز العلمي، فإني أذكِّرهم بأن الأمر خطير، وإن وُجِدَ تشديد فإنه من باب الذبِّ عن كتاب الله تعالى، فلا يجوز لكل مسلم أن يقول في كلام الله وتفسيره ما يقول، وهو ليس من أهل العلم، ولا هو عارف بالتفسير وأصوله، فإن القول على الله بغير علم من الكبائر التي حرمها الله، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، والتفسير قول على الله؛ لأن من فسَّر كلامه، فكأنه يقول: هذا ما قاله الله وأراده بكلامه، لذا عظَّم بعض السلف جانب التفسير، وتورَّعوا فيه، ومن ذلك قول مسروق (?): «اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله» (?)، وقد كان ذلك المذهب ـ وهو التورع في