لكن هل يستحيل عقلاً وجود مثل هذا الجبل؟
لو قال قائل ـ ممن سبقنا، ولم يدرك صور الأرض من الفضاء ـ: لا يلزم أن يكون الإنسان أدرك جميع التفاصيل المتعلقة بالأرض وأحوالها، وقد يكون هذا الجبل موجوداً لكن لم يدركه الإنسان، ولم يعرف كنهه، ويكون مما أخبرت به بعض الأنبياء، فبقي مكتوباً عند بني إسرائيل، فيبقى الأمر محتملاً للتصديق والتكذيب، وليس مما تحيله العقول.
ومما يشهد لوجود أشياء في هذا الكون لا يدركها الإنسان، مع إخبار الرسول صلّى الله عليه وسلّم بها = ما رواه مسلم وغيره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر العصر. ووقت العصر ما لم تصفر الشمس. ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق. ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط. ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس، فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان» (?).
وهذا الخبر صحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وليس كخبر جبل قاف من جهة القبول والتصديق، لكن المراد أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد أخبر بخبره الصادق عن أمر غريب لا يدركه الناس بأبصارهم، وعدم إدراكهم له لا ينقضه، فكذلك جبل قاف يحتمل أن يكون كقرني الشيطان.
ولو استشهد بأمرين في هذه المسألة، فقال:
الأول: أحاديث النبي صلّى الله عليه وسلّم التي تأمر بأن لا نصدق مرويات بني إسرائيل ولا نكذبها، وأنا أراه من هذا الجنس.