أما القول الثالث، فذهب إلى معنى السقوط، فجعل الموقع بمعنى الوقوع.
وذهب بعض المعاصرين بمعنى الآية إلى قضية من قضايا العلوم الكونية المعاصرة، ومنه ما ذكره بعض الفضلاء، قال: «وهذا القَسَم القرآني العظيم بمواقع النجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة، والتي مؤداها أنه نظراً للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عن أرضنا، فإن الإنسان على هذه الأرض لا يرى النجوم أبداً، ولكنه يرى مواقع مرَّت بها النجوم ثمَّ غادرت، وفوق ذلك أن هذه المواقع نسبية، وليست مطلقة؛ لأن الضوء كأي صورة من صور المادة والطاقة لا يستطيع أن يتحرك في صفحة السماء إلا في خطوط منحنية، وعين الإنسان لا ترى إلا في خطوط مستقيمة، وعلى ذلك فإن الناظر إلى النجم من فوق سطح الأرض يراه على استقامة آخر نقطة انحنى ضوءه إليها، فيرى موقعاً وهميّاً للنجم غير الموقع الذي انبثق منه ضوءه، فنظراً لانحناء الضوء في صفحة السماء فإن النجوم تبدو لنا في مواقع ظاهرية غير مواقعها الحقيقية.
ليس هذا فقط، بل إن الدراسات الفلكية الحديثة أثبتت أن نجوماً قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة، والضوء الذي ينبثق منها في عدد من المواقع التي مرَّت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السماء في كل ليلة من ليالي الأرض إلى اليوم الراهن، ومن هنا كان القسم القرآني بمواقع النجوم، وليس بالنجوم ذاتها ...» (?).
وهذا القول يوافق من قال بأن النجوم هي نجوم السماء، لكن يفارقه بأن النجوم لم يقع عليها قسم، وإنما وقع على مواقعها الخالية منها، وبهذا يكون مخالفاً للقول السابق في هذه الحيثية، فالمتقدمون