مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]، وقد استدل على ترجيح هذا المعنى بالسياق عدد من العلماء، أذكر منهم عبد الرحمن بن زيد (ت:182)، قال: «كانت السماوات رتقاً لا ينْزل منها مطر، وكانت الأرض رتقاً لا يخرج منها نبات، ففتقهما الله، فأنزل مطر السماء، وشَقَّ الأرض، فأخرج نباتها، وقرأ: {فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]».
وقال الطبري (ت:310): «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً من المطر والنبات، ففتقنا السماء بالغيث، والأرض بالنبات.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في ذلك؛ لدلالة قوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} على ذلك وأنه ـ جل ثناؤه ـ لم يعقب ذلك بوصف الماء بهذه الصفة إلا والذي تقدمه من ذكر أسبابه» (?).
ومع رجحان هذا المعنى على ما سواه يبقى لغيره احتمال الصحة، فالأقوال غير متناقضة ـ كما ترى ـ بحيث لو قيل بأحدها سقط الآخر، وما دام الأمر كذلك، فإن هذه الأقوال تكون في مرتبة دون القول الأول.
وقد ذهب بعض المعاصرين المعتنين بالإعجاز العلمي إلى تفسير هذه الآية بما يسمى بنظرية (الانفجار الكوني العظيم) وهي نظرية من بين عدَّة نظريات في نشأة هذا الكون (?)، ومع كونها نظرية لم تثبت صحتها إلى اليوم، فإنك تجد بعض المعاصرين يعتمدها فيقول: «وهذا السبق