القول الثالث: أن السماوات كانت رتقاً لا تمطر، والأرض كذلك رتقاً لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات، وذهب إلى ذلك عكرمة وعطية العوفي وابن زيد.
القول الرابع: أن السموات والأرض كانتا مظلمتين ففتقهما بالنهار، وهذه رواية عن ابن عباس، قال الطبري: حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: خلق الليل قبل النهار، ثم قال: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30].
فهذه أقوال أربعة من أقوال السلف، وظاهر من اختلافهم ـ رحمهم الله ـ أنَّ كل واحد منهم قال باجتهاده، واعتمد على مدلول الرتق والفتق.
والرتق في اللغة: التضامُّ والالتحام.
والفتق: الانفصال والانفتاح بين شيئين.
وقد بيَّن الطبري دلالة الرتق والفتق في اللغة، فقال: «... كانتا رتقاً: يقول: ليس فيهما ثقب بل كانتا ملتصقتين، يقال منه: رَتَقَ فلان الفَتْقَ: إذا شدَّه فهو يرتقُه رَتْقاً ورُتُوقاً، ومن ذلك قيل للمرأة التي فرجها ملتحم: رتقاء.
ووحَّد الرتق، وهو من صفة السماء والأرض، وقد جاء بعد قوله: {كَانَتَا}؛ لأنه مصدر مثل: الزَّور، والصَّوم، والفَطْر.
وقوله: {فَفَتَقْنَاهُمَا}، يقول: فصدعناهما وفرجناهما.
ثم اختلف أهل التأويل في معنى وصف الله السماوات والأرض بالرتق، وكيف كان الرتق وبأي معنى فتق» (?).
وإذا أجريت أقوال المفسرين على معنى الرتق والفتق وجدتَ