التمهيد: نبذة موجزة عن جهود خلفاء بني العباس في إظهار الإسلام السنة
يحوي هذا التمهيد أمثلة مختارة من خلفاء بني العباس الذين لهم جهود متميزة في سبيل إظهار السنة وإقامة دين الله تعالى، وسيكون الحديث عن ذلك على النحو الآتي:
المهدي:-
وصفه الذهبي (?) بقوله: "إنه خائف من الله، معادٍ لأولي الضلالة، حَنِق عليهم. (?) "
ومن جهوده في نصر الإسلام والسنة، أنه منع الناس من الكلام والخوض فيه (?) .
وأهمّ الخليفة المهدي (?) أمر الزنادقة، فجدّ في طلبهم، وتتبعهم في سائر الآفاق، واستحضرهم، وقتلهم صبراً بين يديه (?) .
كما أوصى المهدي بنيه باستئصال الزنادقة (?) ، فقال لابنه موسى (الهادي) : "يا بني، إن صار لك هذا الأمر، فتجرّد لهذه العصابة - يعني أصحاب ماني- فإنها فرقة تدعو الناس إلى ظاهر حسن، ثم تخرجها إلى تحريم اللحم، وترك قتل الهوام تحرّجاً، ثم تخرجها من هذه إلى عبادة اثنين، أحدهما: النور، والآخر: الظلمة، ثم تبيح بعد هذا نكاح الأخوات والبنات ...
فارفع فيها الخشب، وجرّد فيها السيف، وتقرّب بأمرها إلى الله لا شريك له. (?) "
وقد أثنى شيخ لإسلام ابن تيمية (?) على المهدي؛ لما حصل في عهده من إظهار الإسلام والسنة، وقمع الكفر والبدعة.
يقول ابن تيمية: " تجد الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى كانت السنة وأهلها وأظهر وأقوى، وإن ظهر شيء من الكفر والنفاق ظهرت البدع بحسب ذلك، مثل دولة المهدي والرشيد ونحوهما ممن كان يعظم الإسلام والإيمان، ويغزو أعداءه من الكفار والمنافقين، كان أهل السنة في تلك الأيام أقوى وأكثر، وأهل البدع أذل وأقل، فإن المهدي قتل من المنافقين الزنادقة من لا يحصي عدده إلا الله.