آنذاك، ولا يخفى أن في هذا التصنيف - في مثل تلك الأحوال - من المجاهدة البيّنة والمراغمة للخصوم ما ليس في غيره.
(حظي تأليف هذا الاعتقاد بأنواع من الاحتفاء والاهتمام، وصَاحَب تصنيفه جملةٌ من المؤكدات والتقريرات، فقد جُمِع له أعداد كثيرة من الأشراف والشهود، والفقهاء، والقضاة، والزهّاد، وكان ذلك في دار الخلافة، ثم قريء عليهم، وأُخذت بعد ذلك خطوطهم بحضورهم، وسماع ما سمعوه، وتكرر ذلك غير مرة سنة 420هـ.
كما قريء في المساجد والجوامع.
(ألّف هذا الاعتقاد أبو أحمد الكرجي، وكتبه القادر بالله، وكلاهما شافعيان، وهذا يؤكد أن عقيدة أهل السنة والجماعة مقررة عند الأئمة من الحنفية والمالكية، والشافعية، والحنابلة، فليست هذه العقيدة مختصة بالحنابلة فحسب.
يقول ابن تيمية: " قال بعض شيوخ المغاربة - العلماء الصلحاء -: المذهب لمالك والشافعي، والظهور لأحمد بن حنبل يعني أن الذي كان عليه أحمد عليه جميع أئمة الإسلام، وإن كان لبعضهم من زيادة العلم والبيان، وإظهار الحق، ودفع الباطل ما ليس لبعض. (?) "
ويقول في موطن آخر: " ليس لأحمد بن حنبل في هذا اختصاص، وإنما هذا اعتقاد سلف الأمة وأئمة أهل الحديث..
وقلت لمن خاطبني من أكابر الشافعية، لأبين أن ما ذكرته هو قول السلف وقول أئمة أصحاب الشافعي.. (?) "
وقد صنّف أئمة الشافعية عدة مصنفات في تقرير عقيدة السلف الصالح، مثل: المزني (?) ، ومحمد بن نصر المروزي (?) ، وعثمان بن سعيد الدارمي (?) ، وقوام السنة الأصفهاني (?) ، وابن كثير، والذهبي وغيرهم.
فرحم الله أبا المظفر السمعاني إذ يقول: " فلا ينبغي لأحد أن ينصر مذهبه [أي الشافعي] في الفروع، ثم يرغب عن طريقته في الأصول (?) ."