لقد أدرك الخليفة القادر بالله خطورة المد الباطني، وانتشار دعوتهم، والتي ظاهرها التشيع والرفض، وحقيقتها الكفر المحض، لاسيما وإن قرواش بن مقلد - أمير الموصل وما حولها - خطب للحاكم العبيدي سنة إحدى وأربعمائة، وبالغ في مدحه والدعاء له، وكان سبب ذلك أن دعاة الحاكم العبيدي وهداياه، كانت تتوالى إلى قرواش، فمال إليهم.

فلما بلغ الخبر الخليفة القادر بالله، كتب يعاتب قرواش على ما صنع، وعزم الخليفة على محاربته، فحينئذ رجع قرواش عن رأيه، وندم على ما كان منه، وأعاد الخطبة للقادر بالله. (?)

وفي السنة التالية لتلك الواقعة (402هـ) اتخذ الخليفة القادر بالله - من أجل مواجهة العبيديين ودعوتهم - محضراً يتضمن الطعن في أنسابهم، ويكشف حقيقة مذهبهم، وأنهم زنادقة كفّار.

وكتب هذا المحضر، وأقره جمع من الأشراف والقضاة والمحدثين والفقهاء والعدول، وخلاصة هذا المحضر: أن الفاطميين ملوك مصر، منسوبون إلى ديصان بن سعيد الخرّمي، فليسوا من أهل البيت، ولا نسب لهم في ولد عليّ بن أبي طالب >، ولا يتعلقون منه بسبب، وأن الذي ادّعوه إليه باطل وزور، وأنهم لا يعلمون أحداً من أهل بيوتات علي بن أبي طالب > توقف عن إطلاق القول في أنهم كذبة، وقد كان هذا الإنكار لباطلهم شائعاً في أول أمرهم..

وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفار فسّاق فجار، ملحدون زنادقة، معطلون، وللإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وأحلوا الخمور، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادّعوا الربوبية. (?)

تتجلى - في هذا المحضر - قوة وشجاعة الخليفة القادر بالله تجاه العبيديين، عكس أسلافه السابقين كالمطيع والطائع، والذين غلب عليهم الضعف أمام رفض البويهيين، وباطنية العبيديين. (?)

فإن هذا المحضر إنما كُتِب عقب نفوذ وظهور مذهب الباطنية (?) - في عصر القادر-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015