خَلِيفَةٌ - أَنْ يَسْجُنَهُ عَلَى قَوْلِهِ، فَأَبَى الْأَشْيَاخُ وَالْوُزَرَاءُ مِنْ فِرْقَةِ الْمُوَحِّدِينَ إِلَّا قَتْلَهُ، فَغَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِ فَقَتَلُوهُ خَوْفًا أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ غَيْرُهُ. فَتَخْتَلُّ عَلَيْهِمُ الْقَاعِدَةُ الَّتِي بَنَوْا دِينَهُمْ عَلَيْهَا.
وَقَدْ لَا تَبْلُغُ الْبِدْعَةُ فِي الْإِشْرَابِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ فَلَا يَتَّفِقُ الْخِلَافُ فِيهَا بِمَا يُؤَدِّي إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ.
فَهَذِهِ الْأَمْثِلَةُ بَيَّنَتْ بِالْوَاقِعِ مُرَادَ الْحَدِيثِ - عَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ - فَإِنَّ أَخْبَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَكُونُ ابْتِنَاءً عَلَى وَفْقِ مُخْبِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ أَلْبَتَّةَ.
وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّفْسِيرِ اسْتِقْرَاءُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ مِنِ انْقِسَامِهَا إِلَى الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى وَالْأَوْسَطِ، كَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، وَالشَّجَاعَةِ وَالْجُبْنِ، وَالْعَدْلِ وَالْجَوْرِ، وَالْجُودِ وَالْبُخْلِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْعِزِّ وَالذُّلِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ وَالْأَوْصَافِ، فَإِنَّهَا تَتَرَدَّدُ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ: فَعَالِمٌ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الْعِلْمِ، وَآخَرُ فِي أَدْنَى دَرَجَاتِهِ، وَجَاهِلٌ كَذَلِكَ، وَشُجَاعٌ كَذَلِكَ، إِلَى سَائِرِهَا.
فَكَذَلِكَ سُقُوطُ الْبِدَعِ بِالنُّفُوسِ، إِلَّا أَنَّ فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فَائِدَةً أُخْرَى، وَهِيَ التَّحْذِيرُ مِنْ مُقَارَبَتِهَا وَمُقَارَبَةِ أَصْحَابِهَا وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ دَاءَ الْكَلْبِ فِيهِ مَا يُشْبِهُ الْعَدْوَى وَكَذَلِكَ الْبِدَعُ
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ دَاءَ الْكَلْبِ فِيهِ مَا يُشْبِهُ الْعَدْوَى، فَإِنَّ أَصْلَ الْكَلْبِ وَاقِعٌ بِالْكَلْبِ. ثُمَّ إِذَا عَضَّ ذَلِكَ الْكَلْبُ أَحَدًا صَارَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْفِصَالِ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا بِالْهَلَكَةِ، فَكَذَلِكَ الْمُبْتَدِعُ إِذَا أَوْرَدَ عَلَى أَحَدٍ رَأْيَهُ وَإِشْكَالَهُ فَقَلَّمَا يَسْلَمُ مِنْ