اللَّهِ مَا قَبِلَهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ. قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
«لَا تَكَلَّمُوا فِي الْقَدَرِ فَإِنَّهُ سِرُّ اللَّهِ» وَهَذَا كُلُّهُ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ.
وَجَاءَ فِي الْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ شَيْءٌ لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا تَعْدِيلَ عَلَيْهِ.
نَعَمْ نَقَلَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 48] نَزَلَ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ. فَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:
«أَتَى مُشْرِكُوا قُرَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَاصِمُونَهُ فِي الْقَدَرِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ». وَرَوَى مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ، وَلَكِنْ إِنْ صَحَّ فَفِيهِ دَلِيلٌ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يُعَيِّنُ أَنَّهُمْ مِنَ الْفِرَقِ، وَكَلَامُنَا فِيهِ.
وَالثَّانِي: حَيْثُ تَكُونُ الْفِرْقَةُ تَدْعُو إِلَى ضَلَالَتِهَا وَتَزْيِينِهَا فِي قُلُوبِ الْعَوَامِّ وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ، فَإِنَّ ضَرَرَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَضَرَرِ إِبْلِيسَ،